المجاهد البطل الطاهر غواطي

موضوع: المجاهد البطل الطاهر غواطي 2020-11-12, 16:21

المجاهد البطل الطاهر غواطي
مغوار من مغاوير الأوراس
بقلم: صلاح الدين تيمقلين
خالي الطاهر غواطي من الرجال القلائل الذين يصدعون بالحق، ولا يخافون لومة لائم في قول الحقائق كما هي، وأمام أي كان. كان حصيفا حاذقا، صافي الذهن، وقورا في جلساته، نَابِهُ البصيرة، حاضر الذهن، يستمع إليك بكل اهتمام وروية. كانت جلساته رغم قصرها محشوة بالمعلومات والحقائق عن الثورة التحريرية، التي يسردها عليك وكأنك تراها بأم عينك، كانت ذكرياته عن الثورة التحريرية ذكريات تصب في التاريخ الحقيقي للثورة، وليست حكايات من أجل القصص، كان موسوعة حقيقية في التراجم والتعريف بالشخصيات الثورية التي تعرف عليها عن قرب، كانت عيناه دائما تسبقها عبرات حارة تؤكد على مدى تأثره وهو يروي لك الحادثة التاريخية بكل تأثر.
سألته يوما ـ وكنت بصدد كتابة مؤلف حول والدي ـ عن علاقته به. شزرني بعين شعرت وكأنه يزنني ويزن ما تفوه به فمي، وقال: ومن أين تريديني أن أبدأ الكلام عن الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني، كنا كلنا أبناءه سواء من درس على يديه أو حضر من بعيد لدروسه. واحمرت وجنتاها وامتلأت عيناه دموعا، حتى كادت ان تهرب من شفتيه الكلمات. هكذا كان البطل المجاهد الطاهر غواطي ذا قلب صلب في الخطوب والمحن، رؤوفا رحيما في الرخاء والنعم.
من مواليد كيمل عام 1936، شب على كره المستعمر، وتشبث بحب الوطن مدافعا شرسا على كل شبر منه، مقداما هماما لا يعرف التراجع أو مجرد التفكير فيه، لما اندلعت الثورة التحريرية، صمم على اللحاق بها مهما كان الثمن، كان من الرجال والأبطال المغامرين في سبيل الوطن، لم تثنه أي عقبة صادفت طريقه في تحقيق هدفه الأسمى مهما كانت كأداء.
في سنة 1957 وعندما عزم على اللحاق بالثورة التحريرية، صمم أن يأخذ معه تذكارا سيبقى وساما ساطعا على جبينه، حيث قام بالهجوم على جندي فرنسي وجرده من سلاحه ـ بندقية رشاشة من نوع ماط 49 ـ في شناورة ـ تكوت ـ حوز آريس. ولاذ بجال الأوراس حيث تبخر في جو الجهاد والشهادة.
لم تتوقف بطولاته عند هذا الحد، بل ـ وبشهادة المجاهدين المعاصرين له ـ كان يمتاز بروحه الذكية وردود أفعاله المتميزة، حيث كان يقدر الأوضاع في المعارك ويدرك متى يكون الهجوم واجبا، كان من الرجال القلائل الذين حباهم الله بالقدرة على تحديد الهدف مهما كانت سرعته، واسقاطه في التو والحال، من ذلك قيامه بإسقاط طائرة استعمارية كانت تحاول رصد حركات المجاهدين، لصب حممها عليهم وعلى الشعب الأعزل، وذلك في المنطقة المسماة ـ فيض القصعة بكيمل ـ. بالإضافة الى مساهمته الجبارة في معركة المعاضيد عام 1959، حيث تم اسقاط أربع طائرات فرنسية من قبل الثوار.
لما تأكدت قيادة الثورة التحريرية من شجاعة البطل، وتشبعه بالروح الوطنية، صممت على ارساله ضمن بعثة الى تونس لجلب السلاح والذخيرة لتزويد المجاهدين، حيث قام بالعملية على أكمل وجه وتم جلب السلاح والذخيرة وتوزيعها على المجاهدين ليس فقط على مستوى الولاية الأولى بل على مستوى الولاية السادسة كذلك، وبذلك تم رفع الغبن عن المجاهدين الذين كانوا بأمس الحاجة للسلاح.
وجاء في شهادة للضابط محمد الصغيرهلايلي يقول فيها: (أشهد أن المجاهد الطاهر غواطي كان بصحبتي مجاهدا في الناحية الرابعة كيمل العظيم، ثم في المنطقة الثانيه عمق الأوراس الأشم، يتميز بالشجاعة والإقدام والجلد يتطوع للمهام والمواقف الصعبة الشاقة بكل عزيمة وتحدٍ لا يتسرب لقلبه الجبن ولا يرضى لنفسه الهزيمة أمام العدو فهو صادق في جهاده ذو شخصية قوية هجوميا في قتاله عطوفا في تعامله مع زملائه متسامحا مرحا طيب السريرة متواضعا حريصا كل الحرص على تنفيذ المهام الموكلة له بكل عزيمة وصبر، وفيا لوطنه ولمرؤوسيه).
رحم الله البطل المجاهد الطاهر غواطي الذي التحق بأم أولاده السمحة الخلوقة السيدة عائشة بعد حوالي أسبوع واحد، وأسكنهما فسيح جناته، مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا. وألهم أهلهما وذويهما ومحبيهما الصبر والسلوان. (إنا لله وإنا اليه راجعون).

» شهيد الواجب. محمود بن محمد الشريف غواطي
» المجاهد الأسطورة جرعاوي امحمد
» المجاهد الأسطورة جرعاوي امحمد
» الرائد حمودة عاشوري المجاهد والعسكري والسياسي المثقف
» المجاهد والقاضي السيد عبد المجيد هلايلي المدعو (عبد الحميد)