باتنة ممرات بن بولعيد الفوليتيف حي المليون

الى تلميذي النجيب والوفي الذي أعتز به وبأمثاله "رمضان بن قدور"
بقلم: صلاح الدين تيمقلين
    كان تساؤلك بعباراته البديعة المنتقاة في منتهى الاخلاق والتربية يكشف عن شخصية رصينة عالية الهمة، فشكرا على السؤال والشكر الأكبر على التواضع الذي أبديته، وهذه ميزة أرى انها قد تراجعت كثيرا في زماننا هذا، نسأل الله العفو والعافية.
سأعطيك الجواب الذي يشفي غليلك.
    فيما يخص الفترة الزمنية، يجب ان لا نقيس الزمن في حسابات غيرنا كما نقيسه في حساباتنا نحن ـ إن كانت لدينا حسابات ـ! فالفترة من 1917 الى 1960 أي 43 عاما نراها نحن قصيرة جدا ولا نستطيع انجاز أي شيء فيها لأن مقاولينا دربونا على ذلك ولأننا تعودنا على الخمول والدعة، لكن عند الغرب الوقت شيء ثمين جدا وفرنسا الاستعمارية دولة غربية وليست دولة متخلفة.
    ولما تربينا نحن على ان المشاريع يجب ان تأخذ قرنا حتى يتم تشييدها من قبل أجيال أخرى، احترنا في عدونا كيف استطاع ان ينجز كل هذا في زمن قياسي! فمسجد أول نوفمبر شهد إتمام الصومعتين في هاته الأيام من عام الناس هذا وقد شرع في بنائه عام 1982 أي بعد 39 سنة!
   ان الحديث في هذا المجال يطول والأمثلة لا تنتهي... ولكن.. كما تعلم لم يشرع في بناء حي ـ Stand ـ الأمير عبد القادر إلا سنة 1924، وكذلك بالنسبة لعمارات ـ HLM ـ ممرات ابن بولعيد. أما جامع "ليهود" الجديد فقد شرع في بنائه عام 1959 وقد خرب وأعادت الجزائر ترميمه بعد الاستقلال وحولته الى مستودع للمركز الجهوي للتوثيق والتوزيع التربوي، وبالقرب منه مدرسة النشء الجديد التي سبقته في البناء حيث تم فتحها رسميا عام 1954 قبل اندلاع الثورة التحريرية بحوالي شهرين.
    كان مشروع ديغول عام 1958 عاملا مهما في تحفيز وتسريع وتيرة البناء لمواجهة الثورة التحريرية والقضاء عليها، فشيدت عمارات ابن بولعيد وعمارات ـ لقار ـ القديمة حيث ـ لقراف ـ، وعمارات الروس والفوليتيف. وأحياء ـ لاكومين ـ في حي شيخي وبوعقال وكشيدة وكانت محتشدات للفرق الإدارية المتخصصة لصاص ـ SAS ـ، وحي ـ المليون ـ الذي لم يتم إنجازه الا بعد الاستقلال.
    أما تشكيك بعضهم بأن الصورة ليست لمدينة باتنة فهذا خطأ! فالصورة مأخوذة في اتجاه الجنوب حيث تظهر طريق بسكرة وفي الخلفية تظهر قمة توقر ـ Pic de cèdre ـ.
    تلاحظ في الصورة كذلك ان باب سطيف لا يظهر وقد كان واقعا بالضبط ما بين مدرسة سكينة ودار التراب كما نطلق عليها، هذا من جهة ومن جهة أخرى وباعتبار مأخذ الصورة فإن جبل الظهري أو كاسرو وجبل بومرزوق وجبل بوكداد لا تظهر فكيف يريد البعض ان يرى جبل الشلعلع! وهو خلف هذه الجبال التي ذكرتها حيث قمة تالمات، ويظهر من خلال الفرجة الواقعة بين جبل كاسرو وجبل بومرزوق حيث يجري وادي "سقان" أو الوادي الأزرق " Ravin bleu ".
    ومخطط باتنة المرفق لعام 1946 يظهر ذلك جليا حيث تلاحظ بدايات عمرانية بسيطة في أحياء الأمير عبد القادر " Stand "، وحي شيخي وغيرهما...