الشيخ محمد عبد القادر العوبي
بقلم: صلاح الدين تيمقلين
من مواليد عام 1924 بباتنة. والده السيد الحنفي بن الهاشمي العوبي ( 1875 / 1976 ) الذي يعد وجها من الوجوه التاريخية للمدينة حيث كانت له اليد البيضاء في خدمة البلاد والعباد ورفع راية الإسلام والحفاظ على اللغة العربية في مدينة باتنة ويعود له الفضل في انشاء أول مدرسة تابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ـ مدرسة التربية والتعليم ـ عام 1934. وقد أوقف في سبيل الله مبنى جعل منه كتابا لتحفيظ القرآن للناشئة يقع في شارع ـ Petitjean ـ سيدي حني اليوم بالقرب من محل علي بكوش المدعوعلي العياط للمشروبات الغازية. تلقى المبادئ الأولى للغة في البيت على يد مجموعة من الشيوخ. كان هدف الوالد هو ان يحفظ نجله القرآن الكريم. بعد حفظه لما تيسر منه التحق بمدرسة باتنة التي تم انشاؤها من قبل مجموعة من المحسنين على رأسهم والده السيد الحنفي عام 1934 والشيخ الورع بلقاسم شرفة، حيث تتلمذ على يد مجموعة من الشيوخ الأجلاء منهم محمد بن احمد الغسيري ومحمد الحسن الورتلاني وغيرهما حيث نهل من العلوم الحديثة آنذاك كالحساب والعلوم والتاريخ والجغرافيا.
في نفس الوقت انتسب الى مدرسة الأهالي ـ École indigène ـ الأمير عبد القادر اليوم، حيث زاول الدراسة فيها ونال الشهادة الابتدائية بتفوق مما سمح له بالتسجيل في المدرسة الابتدائية العليا لتعليم الصبيان ـ École primaire supérieur de garçons ـ الاخوة العمراني اليوم. في سنة 1939 انتقل الى قسنطينة حيث درس على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس مدة عامين تقريبا الى وفاته، وتعرف فيها على الكثير من رجال الإصلاح خاصة من الأوراس منهم الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني والشيخ زكريا حمودة.
لم يتوقف شغفه في طلب العلم حيث تفتقت قريحته لنهل المعارف أكثر فقرر في عام 1941 السفر الى تونس للالتحاق بجامع الزيتونة حيث قضى فيه قرابة الثلاثة أعوام طالبا للعلم مجدا في التمكن منه.
بعد عودته الى باتنة عام 1941 توجه مباشرة الى جامع باتنة الوحيد آنذاك ـ مسجد العتيق ـ حيث يدرس الشيخ القدير الطاهر مسعودان فأخذ منه كل ما كان يصبو اليه من صنوف العلوم الشرعية. كان من بين الذين تتلمذ عليهم وتأثر بهم كذلك أمير شعراء الجزائر محمد العيد خليفة. في نفس السنة عين مدرسا في مدرسة التعليم التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بباتنة وكان يديرها آنذاك الشيخ الشاعر محمد الشبوكي صاحب نشيد ـ جزائرنا ـ.
عند اندلاع الثورة التحريرية لبى نداء الوطن وانضم للمنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني. وقد حاولت الإدارة الاستعمارية تكميم فمه وتشتيت هدفه بشتى الوسائل والطرق غير انها عجزت في تحقيق رغبتها المنشودة، فقامت باعتقاله والجز به في معتقل الجرف قرب المسيلة في الفترة 1957/1959.
في سنة 1959 أطلق سراحه فعاد من جديد الى نشاطاته المثيرة والخانقة للإدارة الفرنسية فحاولت القضاء عليه واغتياله لكنها لم تفلح، واستمر في كفاحه المستميت الى ان تحقق الاستقلال.
بعد الاستقلال لم يتوقف الشيخ عن تبليغ رسالته الإصلاحية عن طريق التدريس والخطابة في مختلف مساجد مدينة باتنة واستمر على هذا الخط الذي رسمه كطريق للوصول الى هدفه المبتغى. وقد ساهم في كل المشاريع الخيرية كبناء المساجد والمدارس القرآنية. فكان حثيث النشاط في لجنة بناء صرح مسجد أول نوفمبر، وفي التسعينيات عين مديرا للمدرسة القرآنية بباتنة وظل ينشط دون فتور ولا وهن الى أن لقي ربه في 22 أفريل 2005.