يا عمي... جوني (Johnny)!
بقلم: صلاح الدين تيمقلين
في شهر نوفمبر 1942 تم إنزال قوات الحلفاء (أمريكا وإنجلترا) على الأراضي الجزائرية والمغربية في كل من الجزائر العاصمة ووهران وعنابة والدار البيضاء، في عملية ضخمة أطلق عليها عملية الشعلة (Operation Torch)، لتقويض حكومة (فيشي) الموالية للنازيين والقضاء على توسع دول المحور في شمال افريقيا. تفاءل الجزائريون خيرا بهذا الحدث، باعتبار ان الحلفاء كانوا أثناء الحرب العالمية الثانية يبشرون باستقلال كل الدول المستعمرة، فظن الجزائريون أنهم من ضمن هذه البشارة، خاصة وأن ألمانيا التي عَقد عليها البعض العزم بدأت في النكوص ودخلت مرحلة التراجع والانهزام.
وجهت هذه الشعوب وجهها نحو المنتصرين (أمريكا وبريطانيا)، وشرعت عندها مباشرة في تشجيع اللاعب الجديد، فبدأت الحناجر تلهج باسم ونستون تشرشل الإنجليزي وفرانكلين روزفلت الأمريكي، وحتى تنجح مهمتهم قام الحلفاء بتوزيع منشور باللغتين الفرنسية والعربية ـ علية صورة الرئيس وعلم أمريكاـ في المدن المغاربية يطالبون فيها السكان بعدم اعتراض قواتهم التي قَدِمت لإنقاذهم من مخالب أعدائهم! ومما جاء في هذا المنشور (بلغة ركيكة): (...إننا نجيء بينكم لننقذكم من قاهرين مقصودهم إبادة حقوقكم الذاتية والدينية والحياة المطمئنة إبادة مطلقة أبدية. نجيء بينكم ليس لنضركم بل لكي نهلك أعدائكم. نجيئ بينكم لنزيل عنكم ما يهددكم من ألمانيا وإيطاليا. لا تتعرضوا لنا وأعينونا يعجل يوم السلام للدنيا.)
انطلى ذلك على الكثيرين حتى أولئك الذين كانوا يقودون الحركة الوطنية آنذاك، ومرت العدوى للقوَّالين والبرَّاحين والشعراء، فتفتقت قريحة أحد الشعراء فقال بكل حماسة قصيدة بعنوان يا عمي جوني (يقصد به الإنجليز)، جاء فيها على الخصوص:
يـــا عمـي ـ جونــي ـ ** لفـرانسيس راهـم ظلموني
بالشــــــر قتلــــونــي ** سلطوا علي ـ الميزريـــة ـ
انـــت ـ سكســـونــي ـ** ما شفناش منـــك الدونــي
قــــــرب الهــــونـــي ** نحكيلك ما صايــــر بـــي
لـغـتـنــــــا افــــنــات ** حتى جوامعنا ـ اتفرمات ـ
ما بقــــــات حيــــــاة ** ذكريات كثرت علــــــــي
فرنســـــــا المقهـورة ** بأعمالها السيئة المشهورة