زنادقة الأضواء في ظل "كورونا"

صورة و كلمة

زنادقة الأضواء في ظل "كورونا"
بقلم: صلاح الدين تيمقلين

ألِفنا منذ زمن طويل بروز أناس يلعبون دور شخوص ممسوخة، ويتلونون أكثر مما تتلون الحرباء، فهم تارة وطنيون وتارة متملقون وأخرى متزلفون. لكن الغريب في هذه الأيام: ظهور بعض من الزنادقة خاصة في شرق البلاد، وعلى الخصوص في الأوراس وبالضبط في باتنة، مستغلين جائحة كورونا فَرَكِبُوها وأشهروا ألسنتهم ولعبوا دور المُخَلِّصين الجُدُد، وشرعوا في صفع الشعب صفعا مبرحا بالنصائح العرجاء والعوجاء والجوفاء. وطالبوا من ـ أولي الأمر ـ: وجوب التدخل وضرب الشعب بيد من حديد بل واذلاله ان لزم الأمر.

أحدهم أكد ان هذا الشعب: " ما ينفع فيه غير الدبوس!"... " أعْطُولْهُمْ المطرق!"... آخر: " اُضربوهم باش ما يخرجوش من ديارهم!"... " أعطولهم الدبوس باش إديروا الكمامة!"... " لازم أنْرَبُوهُمْ بالدبوس!"... في نفس الوقت بعضهم اعتبرنا حيوانات فقال: " اضّرْبُو يعرف مَضّرْبُو".
أي انك لا تستطيع تربية الشعب الجزائري الا بالسوط والعصا حتى يدرك مكانته فهو كالحمار ـ أكرمكم الله ـ.
وهذه لعمري سياسة فرنسا ضد آبائنا وأجدادنا، فهل نحن أمام موجة استعمارية أخرى من الداخل؟ أم نحن فيها من زمن وفضحتهم كورونا؟ أم ان هؤلاء المتحذلقون المتشدقون لا ينتمون لهذا الشعب بل جاؤوا من كوكب آخر مهمتهم إسداء النصح للشعب ومنحه الهداية؟

لا شك ان هناك شريحة من الشعب استهواها هذا الخطاب، واعجبت به أيّما اعجاب، بل حَنّتْ ـ وراثيا ـ اليه، وصفّقت حتى احترقت أكُفُّها، وراحت تمجّد القائلين وتكيل لهم ـ ادْعاوي الخِيرْ ـ. ذلك انه بفضل هذه الشريحة تمكنت فرنسا من البقاء في بلادنا قرنا وأكثر من الربع.

إذا أردت حقا ان تَرفع من وعي الشعب، وتشحن شُعورَه بما هو حادث، وتُشعره بما يحيط به من خطر وما يُحْدِق به من حُتُوفٍ. فالأمر هيّن سهل وبسيط للغاية، لا تُهِنه، لا تشتمه، لا تقزّمه، لا تَحْقِره ولا تضيّق عليه المعيشة. يكفي ان تقوم بحملات تحسيسية تُبَثُّ في مختلف القنوات ـ وما أسرعها الى القضايا التافهة ـ ما هو حادث في المستشفيات وما يعانيه المرضى وما تكابده الطواقم الطبية، وأن تَزُورَ الكاميرات المقابر وتصور كيفية الدفن التي بلغناها اليوم، والوضع الذي بلغه الأهالي الذين فقدوا فلذات أكبادهم، والأسر التي كادت ان تنقرض من على الأرض بسبب الجائحة. أنجزوا ـ ربورتاجات ـ حقيقية تتبع هذه الوقائع وبُثُّوها في القنوات، عندها سترون النتيجة الحتمية. هذا ما حدث في كثير من الدول وكان أثره فعالا وسحريا. هكذا تتحضر الأمم بالأخلاق والقول الحسن، وليس بالسفاهة والقول الفاحش واهانة الشعب.

» جائحة كورونا من الناحية المادية... هل هي نعمة للدول المتطورة، نقمة على الدول المتخلفة!