الأستاذ المربي والشاعر رشيد مزوزي

المرحوم بإذن الله

الأستاذ المربي والشاعر: رشيد مزوزي

بقلم: صلاح الدين تيمقلين

شاعر مُلْهَمٌ، مكتنِز بالحب، صَبَّ مشاعره في الشعر صبًا منذ ان كان شابا يافعا يتلقى العلم في المعهد الأصلي على يد أساتذة أزهريين، شعره يوقظ الإحساس ويغرس فيك حب الحياة والايمان بالنفس والاعتماد عليها، وهي تجربة خاضها ضمن مسيرته باعتباره ابن شهيد من عائلة عريقة في التضحية ونكران الذات خدمةً للوطن، انها أسرة آل مزوز، التي قدمت في سبيل الوطن ثمانية عشر شهيدا.

إنه... جوهرة هبة من الرب، سراجه أنار الدرب، لغته نغم وطرب، تزيح الهموم والكرب، تجلي لك الحاجة والأرب، هكذا عهدناه مذ عرفناه حتى توسد الترب.

حبيب الكل... رفيق الجميع، لا تَكَلّ منه ولا تَمَل، حديثه دائما شيق جديد، لا يلوك ولا يكرر ولا يعيد، طلق المُحَيّا رقيق المشاعر طيب القلب عف اللسان حلو الكلام بريء النوايا، لا يبخس الناس ولا يبهت أحدا، لطيف الصحبة، لا يذكر الآخر الا بخير ان ذكر. حديثه ينصرف دائما الى ما فيه العلم والتعليم والتربية والتثقيف، أستاذ موسوعة في اللغة العربية وآدابها وفي الحضارة الإسلامية وتاريخها. انه الأستاذ " الكومبيوتر " اسأل يأتك الجواب في حينه، اُذكر الآية يتلو عليك السورة، تَذَكّرْ صدر بيت أو عجزه يسمعك القصيدة بأكملها شرحا واعرابا ودراسة بلاغية ان شئت.

يحب النكتة والأطروفة والملحة ويتفاعل معها ايما تفاعل، ويَطْرَبُ لسماعها ويجعل من لا شيء فكرة، يُبدع في خلق المُلَح اللطيفة الهادفة وارتجالها من المواقف والأحداث التي تمر به. لا يتكلم الا بالدليل من القرآن الكريم والسنة النبوية والشعر الفصيح، ويرس كل ذلك بالأحكام والأمثال وكل قول صحيح، مكتبة متنقلة لا تشعر معه بالوحدة والضيق أو الفراغ، كل شيء يملؤه بكلمة بابتسامة بنظرة من نظراته المعهودة. فيشزِرك بعين مُجِلّة وليست مستهينة، انه سيل متدفق من العلم والمعارف لا تستطيع اسكاته، ولن تسكته لأنه يسحرك ويأسرك بصوته الجهوري وبآدابه وحركاته ومعلوماته.
طفولي في براءته وعفويته لا ينفعل أو يشتد، ولا يغضب أو يجهل أو يحتد، لا يتعالى بنفسه أو يعتد، قلبه أبيض لا يعرف الضغينة والحقد، مقدام لا يتردد، مطواع في فعل الخير، أبِيٌ ذو شكيمة في مواقف الحق، مرهف الحس عاطفي الوجدان يتأثر بالكلمة الطيبة، تسبقه عبراته في كثير من المواقف الجياشة، نِعْمَ الصحبة ونِعْمَ الصاحب أنت يا رشيد.

أذكر أيام تدريسنا بالمعهد التكنولوجي (السيدة خديجة أم المؤمنين) لتكوين أساتذة المتوسط بباتنة، كنا نجلس في أوقات الفراغ اما في قاعة الأساتذة أو في النادي نتجاذب أطراف الحديث، وفي طرفة عين تتعالى الأصوات وتكثر الجلبة ويحتدم النقاش بينه وبين السيد المدير الشيخ محمد بن حسين ـ رحمة الله عليه، الذي كان لا يبرح مجلس الأساتذة، فحيثما نكون يكون وحيثما يكون نكون، كانت العلاقة بيننا حميمية الى أبعد حد لا يتصور. ـ حول فكرة أو معلومة، كل واحد منهما يحاول ان يقنع الآخر، كل واحد يحشد ما استطاع من أدلة وقرائن يحاول ان يعضد بها رأيه، لكن دون جدوى، نظرا لتشبث كل واحد منهما بصحة رأيه، ما هي الا لحظات قلائل حتى يتبخر الرجلان، نستدير يمينا وشمالا علنا نراهما، لقد برحا المكان في عجل وهما يتكلمان... إنهما يهرولان في اتجاه المكتبة العامرة آنذاك ـ وهذا دأبهم عند الاختلاف ـ ونحن من ورائهما ليس فضولا لمعرفة من ستكون حجته داحضة، وإنما للإستزادة من نفحاتهما العلمية التي تحيي الروح وتشرحها... في المكتبة، كل واحد يحاول ان يجد لنفسه دليلا يفحم به الآخر، في روح سمحة ومتسامحة تجاه النتيجة. لا يُتْرك رف ولا كتاب ولا مطبوعة الا وتُفحص بل وتُنخل من قبلهما نخلا دقيقا وبسرعة فائقة، قد يستغرق البحث والتنقيب في المكتبة أياما... عند الانتهاء من هذه المنافسة العلمية الرائعة، عادة ما يُكرم الشيخ المدير الحاضرين بما لذ وطاب، فرحمة الله عليهما، وأسكنهما فسيح جنانه.
دعواتكم لهما مستجابة ان شاء الله... فلا تبخلوا عليهما...

» الاستاذ المربي الشاعر والخطاط محمد حمودي وزناجي
» الشيخ المربي والمجاهد بوزيد قارش
» قصيدة الأستاذ الشاعر السوري وليد قنباز
» موضوع مراجعة (دعم في إجازة الربيع) مع الأستاذ: جرادي
» الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني و الأستاذ زروق موساوي