الثورة الجزائرية ليست باديسية!
بقلم: صلاح الدين تيمقلين
جاء في جريدة البرقية القسنطينية "La Dépêche de Constantine " الفرنسية:
"أخوف ما نخافه نحن الفرنسيون تلك الميكروبات البيضاء التي يخرجها الجامع الأخضر في قسنطينة" وتقصد بالميكروبات البيضاء تلامذة الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس الذين يرتدون عادة لباسا أبيضا يتمثل في العمامة والبرنوس أو القشابية.
تأسست جمعية العلماء المسلمين في 5 ماي 1931 من قبل نخبة من علماء الجزائر، وتعتبر جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية امتداد لها.
في عام 1936 تأسست الكشافة الإسلامية الجزائرية من قبل الشهيد البطل محمد بوراس وبدعم من قبل جمعية العلماء المسلمين، وذلك بعد عقد مؤتمرها التأسيسي في نفس السنة وقد حضره الشيخ الامام عبد الحميد بن باديس كعضو شرفي، وكان شعار المؤتمر "الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا". شرع المجلس مباشرة في تكوين الأفواج في كل القطر الجزائري، وكان شيوخ جمعية العلماء المسلمين هم من يقومون ببث الروح الوطنية في النشء، فالشيخ عبد الحميد في قسنطينة والشيخ الابراهيمي في تلمسان والشيخ العقبي في الجزائر العاصمة وضواحيها. وكان مؤطرو فتيان الكشافة الإسلامية في ربوع الوطن هم تلامذة الجمعية.
كانت مدارس ونوادي جمعية العلماء وأفواجها الكشفية منتشرة في كل شبر من أرض الوطن، وكان نشيد "النشء" يصدع قي القرى والمداشر، وهو أول شيء يقوم به التلميذ كل صباح في مدرسته ومع معلمه قبل الشروع في تلقي العلم، بالإضافة الى نشيد "من جبالنا" الذي كان يلهب حماس الشباب بكلماته الداعية الى الحرية والاستقلال، حيث يعتبر أول نشيد تنبأ بالثورة والاستقلال وكان من نظم الشاعر محمد العيد خليفة، أما المطلع واللازمة فمن انشاء حسن بلكيرد.
ان معظم من انتسب للثورة التحريرية من الشباب آنذاك، إما انه قد درس في مدارس الجمعية أو كان عضوا في الكشافة الإسلامية، فمجموعة 22 التي هيأت للثورة التحريرية كان جل ـ ان لم نقل كل ـ أعضائها منتسبين للجمعية أو الكشافة الإسلامية.
فالشهيد مصطفى بن بولعيد كان من نشطاء الجمعية وقد أسس ناديا تابعا لها في آريس، وكذلك الشأن للشهيد العربي بن مهيدي الذي درَس في مدرسة التربية والتعليم ببسكرة على يد الشيخين على مرحوم والعابد الجلالي وكان زميلا لعبد القادر لعمودي في نفس المدرسة، والشهيد ديدوش مراد وزيغود يوسف.
وكذلك بالنسبة لبقية الأعضاء فكان جميعهم اما منتسبا للجمعية أو عضوا نشطا في الكشافة الإسلامية الجزائرية وهم:
باجي مختار، عثمان بلوزداد، رمضان بن عبد المالك، مصطفى بن عودة، لخضر بن طوبال، رابح بيطاط، زبير بوعجاج، سليمان بو علي، بلحاج بوشعيب، محمد بوضياف، عبد الحفيظ بوصوف، عبد السلام حبشي، محمد مشاطي، سليمان ملاح، محمد مرزوقي، بو جمعة سويداني.
كذلك بالنسبة للقادة الكبار للثورة التحريرية، فالشهيد عميروش كان رئيسا لشعبة جمعية العلماء في ـ القسم الخامس عشرـ بباريس، وسي الحواس تربى في حضن الجمعية في مشونش، وكذلك الشأن بالنسبة للشهيد عمر ادريس الذي زاول دراسته في مدرسة الهدى التابعة للجمعية في القنطرة، والشهيد محمد الطاهر شعباني في معهد الشيخ عبد الحميد بن باديس بقسنطينة، والبطل المغدور عاجل عجول من منتسبي الجامع الأخضر بقسنطينة...
والأستاذ قاسم زدور نجل الشيخ الطيب المهاجي من مؤسسي جمعية العلماء وأعضائها النشطين في وهران والغرب عموما، يعد أول شهيد مثقف اغتالته فرنسا الاستعمارية في 6 نوفمبر 1954، ووجدت جثته مرمية في الشاطئ.
ومعلوم ان قضاة الثورة ومعلميها ومسيريها وضباطها وقادتها الكبار كانوا أبناء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وأبناء الجمعية هم من كانوا وقودا أنار للجزائر دربها... بالله عليكم لا تحطوا من شأن الثورة التحريرية المجيدة وتنسبونها للجهلة والأميين.
في مؤلف الشيخ أحمد حماني الموسوم بـ: " صراع بين السنة والبدعة " أحصى الكثير من المجاهدين والشهداء الذين تربوا في أحضان جمعية العلماء المسلمين، وكانوا المؤطرين الرئيسيين للثورة وقادتها الكبار، في الداخل والخارج وبفضلهم تعرف العالم على صدى الثورة التحريرية المجيدة.