خطبة الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني في احتفالية 1938 بمناسبة ختم تفسير القرآن الكريم من قبل الإمام عبد الحميد بن باديس

شموع من الأوراس

خطبة الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني
في احتفالية 1938 بمناسبة
ختم تفسير القرآن الكريم من قبل الإمام عبد الحميد بن باديس
بقلم: صلاح الدين تيمقلين

بعد ختم الامام عبد الحميد بن باديس تفسير القرآن الكريم في 13 من ربيع الثاني عام 1357 الموافق لـ: 12 جوان 1938. أقيم احتفال بمدينة قسنطينة احتفاء بهذا الحدث العظيم.
تم اختيار الخطباء من قبل رئيس الاحتفال الشيخ الأستاذ البشير الإبراهيمي، كان الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني من بين اثني عشر خطيبا. وقد جاء في تقديمه: ...هذا الخطيب تلميذ نجيب من المباشرين الآن وهو واحد من تلك البعثات التي يوالي تجهيزها الى قسنطينة ـ جبل أوراس الأشم وسفوحه الناضرة، وفيها من شممه مخايل. وعليها من ثباته دلائل. وقد تكلم الشيخ أحمد باسم 360 تلميذا فرحب بالوافدين وشكر المستقبلين. وقد جاء في خطبته ما يلي:
الحمد لله الذي أحيا القلوب بالذكر الحكيم، بعد ان أماتتها الغفلة وران عليها النسيان، والصلاة والسلام على من خصه بالنور والبيان والحق والبرهان. وأنزله على قلبه مصدقا لما بين يديه جامعا للبينات والهدى والفرقان. وعلى حزبه المفلحين الصالحين المصلحين. وعلى آله واصحابه والتابعين.
ثم السلام عليكم أيها ـ السادة ـ ما سمعتم داعي الله فأجبتم. وما نادى منادى الخير والحق فلبيتم.
أما بعد ـ ايها الاخوة الكرام. فإنني تلميذ لهذا الاستاذ العظيم. ومنسوب الى الجامع الأخضر لم اتجاوز من عمر التلمذة سنتين وارجو ان يصل الله اسبابها ويسهل وسائلها، وانني في هذا الحفل ارفع صوتي بحمد الله على هذه النعمة العظيمة التي وفقنا اليها بعد ان كنا من ضحايا الاهمال والجهل والتخريف.
انني أعلن شكري لله واكرره واحمد الله لإخواني تلامذة الجامع الأخضر الذين اربى عددهم في هذه السنة على ستين وثلاثمائة فباسمهم جميعا أرحب بكم ايها الوافدون واشكركم ايها المستقبلون. واحيى فيكم جميعا الروح العربية التي تحفز صاحبها الى الأمام. على انكم جئتم لتبادل المحبة والإخاء وتمتين المودة بالمشاركة في هذه الحفلة عروس الحفلات جميعا.
وأحييكم ما تناصرتم وتعاونتم على البر والتقوى وسعيتم في الصالح العام الذي يعود على المجتمع بالخير العظيم والنفع العميم.
ايها السادة ايها الآباء:
لقد تعلمون ان هذه الجزائر المسلمة لكم ولأبنائكم ولأحفادكم الى يوم القيامة عربية مسلمة. وان لها تاريخا يذكر ولا ينكر وكم أنبتت من نوابغ وابطال يذبون عن حماها ويدفعون الأذى عن دينها ولغتها ويبنون اسسها على تقوى من الله ورضوان ولكنهم بعد ما استحكم امرها وامرهم ناموا عنها نومة الغافل الآمن وظنوا ان لن يطرق حماها طارق ولكن ـ والأسف ملء الجوانح ـ كانت عاقبة تلك الغفلة وبالا عليها وعليهم فقد دخلت من اقطارها. وهاجمت الضلالات عقائدها وملكت العجمة السنتها وابتلاها الله جزاء الغفلة بمتحكم يقتل الافكار ويخدر العقول. ومخرف دجال يفسد الدين ليجمع الدنيا. ويضعف الحق ليقوى الباطل والاحسان، ويوثر العاجلة على الباقية فاجتمع الكيد والصيد على هذه الأمة المسكينة حتى وصلت الى ما تشاهدونه.
وقد مد هذا الليل البهيم على الجزائر صلبه وأردف اعجازه. وتتابعت ويلاته وظلماته حتى ظن العقلاء الذين فيهم بقية احساس انه ليس بمنجل. وان ما حاكه المبطلون والدجالون على العقول والافكار لا يمكن نقضه، وما علموا ان المياه ترجع ـ ولا بد ـ الى مجاريها وان الاسلام والعربية مكتوب لهم البقاء وان هذه الدار دار اسلام وعربية وان الله ينصرهما على حين اليأس وقد حقق الله ذلك فقيض للإسلام والعربية بهذا الرجل النادر الوجود الشيخ عبد الحميد بن باديس واطلعه على الجزائر شمسا فياضة الشعاع ساطعة النور تمحو ظلمات ذلك الليل الأليل.
هذا الاستاذ مربي الأرواح. وطبيب الجراح عالج بعلمه وحكمته كل ما كانت تشكو منه الجزائر من امراضها. فأما من كان يحس بالألم فقد تدارك رمقه ونجا بنفسه وكان لدعوة هذا الطبيب من المستجيبين. واما من توهم الصحة وهو عليل وغالط نفسه في الحقائق أو غالط الناس فهو أسير مرائه، ورهين افترائه حتى تشرق الهداية على قلبه أو يكون من الهالكين، وما ضر الاستاذ ولا غيره من دعاة الحق، ولكن كان لنفسه من الضارين.
يا أبناء العروبة والاسلام في الجزائر، ان الجزائر تستغيث بكم لتردوا عليها مجدها وتحيوا لها تالد عزها وتحتج عليكم بهذا الابن البار الذي قام وحده بإحياء ما قتله الجبن واليأس والجهل والجمود والخرافات من الأخلاق الشريفة في نفوس الجزائريين.
وتناديكم ان من البرِّ بها ان تعاضدوه وتكونوا سواعده القوية، فتبرروا عمله وتحققوا أمله. وما عمله الا احياء الاسلام والعربية بإحياء كتاب الله وسنة رسوله وما أمله الا قتل الجهل وازدهار هذا الوطن بالعلم في دائرة الاسلام والعربية.
قد أتى على هذا الاستاذ الجليل خمس وعشرون سنة وهو يعمل لرفعة هذا الشعب ونهوضه الى الحياة الحقيقية التي هي وليدة علومنا التي اقبرها الجهل بها. ووليدة ديننا الذي غطت عليه الخرافات والاباطيل. ولولا الجهود التي يبذلها الاستاذ واخوانه العاملون المخلصون في الكشف عن تلك الخرافات ومحوها من الوجود لأصبح دينا عاما.
وقد لاقى الاستاذ في هذه المدة من الصعوبات والعوائق والعراقيل ما لاقى بصبر واحتسب واستمد المعونة من الله فأمده بجمعية العلماء التي هي الدواء النافع لهذه الأمة.
ايها السادة:
ان الواجب المقضيّ علينا هو ان نعضد هذه الجمعية وان نكثر سوادها وان نعزز جانبها بكل ما اوتينا من قوة مادية أو معنوية، وان نسعى في طلب العلم من كل وجه فذلك كل ما يرضي جمعيتنا وان نبذل كل جهد في تعميمه ونشره ولا نعبأ بما يعترضنا في سبيله.
ان هذه الجمعية جمعية الأمة تعمل لخيرها بلا فرق ولا تمييز ومن زعم انها جمعية طائفة أو شخص فقد كذب على الحقيقة وأعظم الفرية على الواقع وهو اما جاهل بحقيقتها فلا يعول على رأيه واما مغرض اعماه الهوى ونسأل الله له الهداية والتوفيق.

خطبة الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني في احتفالية 1938 بمناسبة ختم تفسير القرآن الكريم من قبل الإمام عبد الحميد بن باديس Ayao11

» خطبة الشيخ محمد يكن المنصوري الغسيري في احتفالية 1938
» الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني
» حياة الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني
» الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني مع بعض المجاهدين
» من أرشيف الشيخ أحمد تيمقلين السرحاني