الشيخ المربي والمجاهد بوزيد قارش
بقلم: صلاح الدين تيمقلين
من مواليد 1920 بضواحي الشمرة من أسرة تمتهن الفلاحة، حفظ القرآن الكريم في زاوية سيدي محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بعيون العصافيرـ باتنة ـ. ثم تتلمذ على يد الشيخ الطاهر مسعوداني في المسجد العتيق بباتنة. في سنة 1939 سافر الى تونس حيث درس في جامع الزيتونة وتخرج فيه وحاز على شهادة التحصيل. في أواخر عام 1952 قفل عائدا الى بلدته، وفي العام الموالي 1953 عين من قبل جمعية العلماء المسلمين مدرسا في مدرسة تازولت.
بعد عام فقط اندلعت الثورة التحريرية المباركة 1954 انضم في التو للمنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني وكان عضوا نشطا فيها مستغلا المدرسة ذاتها في خدمة الثورة من حيث جعلها معبرا للثوار وتخزين الامدادات الضرورية المتبرع بها من قبل الشعب للثورة، كانت اتصالاته حثيثة بالثوار في مهمات الإبلاغ والمساندة وتقديم كل ما تحتاج اليه الثورة في المنطقة، استمر في خدمة الثورة الى عام 1957.
في سنة 1957 وبفضل الوشاية ومتابعات مكتب الاعلام والاستخبار تمكنت الإدارة الاستعمارية من الوصول الى معلومات تؤكد ان الشيخ تربطه علاقات وطيدة بالثوار ويستغل المدرسة لصالح الثورة التحريرية فقامت بغلقها والقبض عليه وعلى طاقم المدرسة متهمة إياهم بتقديم العون للإرهابيين الخارجين عن القانون.
زُج بالشيخ وأعوانه في سجن باتنة دون محاكمة لمدة عام كامل، ثم رُحل الى معتقل التعذيب سيء السمعة الشهير فيرمة ليكا ـ Ferme de Lucas ـ " ضواحي جرمة الواقع على الطريق المؤدي لسطيف قبالة ميدان سباق الخيل الجديد وقد حول المعتقل الى متحف في 22 مارس 2008 ". كانت المزرعة عبارة عن مركز للتعذيب الوحشي والممنهج. مكث فيه مدة عامين كاملين يعاني من سوء المعاملة والتعذيب والقهر النفسي. في سنة 1960 أطلق سراحه غير ان أعوان الإدارة الفرنسية ارتابوا من تصرفاته ففرضت عليه الإقامة الجبرية بعيدا عن موقع عمله الأول حتى تضمن الإدارة الاستعمارية عدم دعمه للثورة، ظل في اقامته الجبرية بخنشلة مدة عامين كاملين الى توقيف القتال وإعلان الاستقلال.
غداة الاستقلال عين الشيخ مدرسا بمدرسة النشء الجديد فمديرا في نفس المؤسسة، ثم رقي كأستاذ للتعليم المتوسط وبعدها مديرا للمعهد التكنولوجي لتكوين المعلمين ـ الشيخ العربي التبسي ـ بباتنة وبقي فيه الى سن التقاعد. في 15 جوان 2015 ارتقى الى الرفيق الأعلى وقد شيعته جموع غفيرة من السلك الذي أفنى زهرة عمره فيه.