دور "البهائم " في العلاقات بين الجزائر وفرنسا

دور "البهائم " في العلاقات بين الجزائر وفرنسا
بقلم: صلاح الدين تيمقلين
قصة الحصان "سامي" والفرس "ساجدة"
هل خالف السيد الرئيس تبون التقاليد الدبلوماسية العربية العريقة في علاقاته مع فرنسا؟ لذلك اشتاط الرئيس الفرنسي ماكرون غيظا وشرع في قصفه للرئيس وللنظام وللتاريخ وللشعب واستثنى فقط البهائم والجغرافيا. لأن البهائم والجغرافيا هما رُمَّانة القبان في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عهد سابق.
هل كان عليه أن يستضيفه ويقدم له الهدية المعهودة "حصان وفرس"! كغيره من رؤساء العالم المتخلف، حتى يفوز بالرضا وتنزل عليه بركات الإليزيه وماكرون؟!
وإذا كانت هدايا أمراء وملوك العرب للغرب تتمثل في القصور والأساور الذهبية وغيرها، فإن بقية الرؤساء العرب تتمثل هداياهم في "البهائم"، فالرئيس المصري السابق السادات أهدى "فوْزان" وهو حصان "؟ أصيل" للرئيس الفرنسي جيسكار ديستان!
أما نحن في الجزائر فالقصة بدأت مع الرئيس الأسبق الشاذلي الذي أهدى حصانا "؟ أصيلا" للرئيس الفرنسي فرانسوا متران عند زيارته الجزائر عام 1984، ومن ثم أضحت هذه الممارسات عُرفا في الدبلوماسية الجزائرية. فالرئيس السابق بوتفليقة أهدى "مبْروك" وهو حصان "؟ أصيل" للرئيس الفرنسي جاك شيراك عام 2001. كذلك الشأن للرئيس نيكولا ساركوزي الذي تسلم هدية تمثلت في حصان يدعى "الخيِّر" عام 2007.
غير ان قصة الحصان "سامي" قصة مشوقة فعلا، ففي زيارته للجزائر عام 2012 تلقى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند هدية من قبل الرئيس بوتفليقة تمثلت في حصان "جزائري أصيل" اسمه "سامي"! اُخِذَ "سامي" المسكين الى فرنسا وكان سنه لا يتجاوز الثمانية أعوام، حيث أصبح نزيل أكبر حظيرة للخيول تابعة للحرس الجمهوري الفرنسي، قدمت له العناية الواجبة وحاول القائمون على الحظيرة ان لا يشعروه بالغربة لأنه من الجزائر أولا.. وحصان الرئيس أولا كذلك!
كان الرئيس هولاند يزور "سامي" من وقت لآخر للوقوف على حاجياته ورغباته، وهو الحصان المدلل من قبل الجميع. ذات يوم وفي زيارة روتينية لاحظ الرئيس ان "سامي" أصبح لا يستقبله كعادته بالصهيل وتحريك الأذنين والنّش بالذيل، بل ينكص الى الوراء ويبرك ويشيح بوجهه بعيدا. سأل الرئيس القائمين على الحظيرة مستفسرا عن وضع "سامي"، فأجابوه بأنه منذ وقت وهو على هذه الحال. غير ان أحد "الفاهمين" قال للرئيس: سيدي.. إن وضع "سامي" معروف لدينا وحله بسيط.. الرئيس وبلهفة: ما هو؟ دُلني عليه.. "الفهيم": سيدي.. يجب ان نزوجه! الرئيس: وماذا تنتظرون.. بسرعة أنقذوا حصاني!
أختير لـ"سامي" فرسًا "فرنسية غاليَّة أصيلة"، وتمت مراسم حفل الزفاف في أبهة كبيرة، إلا ان وضع "سامي" لم يتغير بل ورفض الزواج بالغاليَّة، وكان لا يداعبها ويصكها صكا مبرحا، وزادت حالته سوء فامتنع عن الأكل والشرب والصهيل! غير ان "فاهِمًا" آخر قال للرئيس: سيدي.. أقترح عليك ان تجلب له فرسًا جزائرية مثله لعله يعود الى حاله السابق.
بعد أخذ ورد ومشاورات مكثفة، كلم الرئيس هولاند الرئيس بوتفليقة وشرح له الوضع بالتفصيل، فأرسل له فرسا جزائرية كهدية ثانية من جنس "سامي" عله يشفى من الوضع الكئيب الذي يعيشه. كانت الفرس "ساجدة" الجميلة والمطيعة من نصيب الحصان "سامي"، وقُدمت له للتعارف ففرح بها فرحا كبيرا، وفي وقت قياسي تم عقد قرانهما في فرنسا ونجا سامي من موت محقق، بعد أحد عشر شهرا بالضبط رُزق "سامي" بمولود بهي الذيل، احتار هولاند في تسميته، فأبواه من الجزائر، ومولده في فرنسا.. وهل هو مسلم أم مسيحي؟ جزائري أم فرنسي؟ إلا أن القانون ورجال الدين أقروا: بما أن المولود ولد بفرنسا فيجب تعميده واعطاؤه اسما فرنسيا مسيحيا فكان "جيمي بومبادور"! فاسمه "جيمي" لكنهم لم ينسبوه لفرنسا لم يقولوا المُهر"جيمي الفرنسي" أو نسبوه لأبيه فقالوا: "جيمي بن سامي"، بل نسبوه الى "بومبادور" وهي زريبة لتربية الحيوانات في فرنسا.
فالمُهر "جيمي بومبادور" الجزائري الأصل الفرنسي المولد والجنسية، سوف يشب في فرنسا ويربى تربية فرنسية عالية في زريبة "بومبادور" ويُسْمِعُونه "لامارسييز" حتى يلين قلبه تجاه وطنه الأم الجديدة، ويكتُب له "ماكرون" و "بنيامين ستورة" تاريخا جديدا لبلاده الأصلية الجزائر بالعربية والأمازيغية ليقرأه ويفهمه ويتدبره، حتى يدرك الحقيقة الساطعة التي طمسها وحرفها أجداده منذ زمن طويل!

دور "البهائم " في العلاقات بين الجزائر وفرنسا Yco_ao10

» واقع العلاقات الدولية قبل اندلاع الحرب
» درس في العلاقات المثلثية(من المغرب ولكنه مفيد جدا)
» الجزائر بطاقة تقنية بمجموعة مؤشرات
» يا عمي جوني... عملية (Torch) 1942 الانزال في الجزائر
» درس المعادلات للسنة الاولى(المغرب ولكنه مفيدا جدا في منهاج الجزائر(