الله حي... الله حي...الحاج محمد هتلر جاي!
بقلم: صلاح الدين تيمقلين
قبل ظهور الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي كقوتين عالميتين (أي قبل نهاية الحرب العالمية الثانية) كانت معظم الشعوب الإسلامية في آسيا وشمال افريقيا تحت السيطرة الاستعمارية خاصة (الفرنسية والإنجليزية). فجأة ظهرت دولة قوية في أوربا صممت على (فتح) أوربا والعالم من جديد بقيادة الفوهرر أدولف هتلر. شرع هذا الأخير فعلا في هجوماته الوحشية والهوجاء في سبتمبر 1939 دون سابق انذار، فسقطت الكثير من الدول تحت قدميه كحشرات صغيرة لاحول لها ولا قوة (وهي الدول التي كانت مسيطرة على جل بقاع المعمورة مستعمرة للبلاد ومنهكة للعباد).
في هاته الظروف لمع اسم الفوهرر أدولف هتلر الذي عُد من قبل شعوب العالم الإسلامي المخَلِّص من الاستعمار أو ربما هو (المهدي المنتظر). فكان رهانها الأول، سواء تلك التي عبَّرت عن ذلك جهارا أو تلك التي كانت ساكتة منتظرة نتائج نهاية الجولة بين الحلفاء والمحور. وكان اللقاء الذي جمع بين هتلر وأمين الحسيني مفتي القدس الحدث البارز في العالم الإسلامي والعربي آنذاك، حيث استغلت وزارة الدعاية الألمانية بقيادة غوبلز هذا اللقاء، وروجت تلك الصورة التي جمعت بين الحسيني وهتلر في مختلف بلاد المسلمين.
زاد حماس الشعوب المسلمة المستعمَرة لشخصية هتلر، وبدأت الاشاعات تنتشر في أوساطهم على ان الحسيني تمكن من دعوة هتلر الى اعتناق الإسلام، فأعلن اسلامه وأدى فريضة الحج وأضاف اسم محمد الى اسمه، ويذكر دافيد موتدال أستاذ التاريخ الدولي في جامعة لندن: (أن هينريش هيملر قائد البوليس السري (الغيستابو) أعطى أمرا للديوان المركزي للأمن بالبحث في القرآن والسنة عن آية أو ما يشير الى ان الفوهرر سيظهر لاستكمال ما جاء به الرسول محمد. غير انهم أكدوا له ان ما طلبه لا يتوفر، في حين اقترحوا عليه الادعاء بأنه المسيح عيسى الذي عاد ليقتل الدجال.)
خرجت الجموع في مظاهرات تأييديه لهذا المهدي الجديد، وانطلقت الحناجر تلهج باسمه في العواصم من القاهرة الى سوريا وبغداد والقدس... رافعة صورته وصورة الحسيني، تصيح وتنادي بكل هستيرية، ففي مصر كانت تردد: (الله حي... الله حي... الحاج محمد هتلر جاي) ... وفي سوريا كانت تردد
لا مُسْيُو ولا مِسْتَرْ... الله في السماء وعلى الأرض هتلر) ... وفي بلاد الشام عموما: (هتلر... هتلر... يا يهود)!
وفي المغرب الكبير دخلت الدعاية النازية عن طريق طنجة في المغرب الأقصى، بعد انشائها (لجنة الدفاع عن المغرب العربي) في برلين، حيث شرعت في حملة سياسية دعائية في ربوع المغرب، عن طريق الاعلام المسموع (الراديو) حيث خصصت إذاعة برلين برنامجا بعنوان (هنا برلين حي العرب) وكانت الى جانب ذلك تبث القرآن الكريم في الافتتاحية، والحديث الديني كل يوم خميس، وتنهي بثها بهذا الدعاء: (نحن نصلي جميعا من أجل انتصار ألمانيا...من أجل أن تنال إفريقيا الشمالية استقلالها... فلتسقط فرنسا... يحيا هتلر...يحيا العرب...تحيا الحرية.). أما المقروء فلا حد له ولاعد من الجرائد والمجلات مثل: (جريدة الدنيا الجديدة) التي كانت تصدر باللغات: الفرنسية والعربية والأمازيغية.
عملت الداعية النازية على بث خطب هتلر، وروجت في بلاد المغرب لمقولاته الشهيرة التي تدعي ان سكان شمال افريقيا ألمان مثل قوله: (تَرى هنا وهناك بين العرب رجالا ذوي شعر أشقر وعيون زرقاء وهم أخلاف قبائل الوندال "الجرمانيين الشرقيين" الذين استولوا على شمال افريقيا ... ان الدم لا يُهدر... فقدنا الألمان الذين يسمونهم في شمال افريقيا البربر.) وقد تأثر المغاربة به حتى أطلقوا عليه اسم (السبع، ولد السبع)، حيث كانوا يرددونها في هتافاتهم وأغانيهم.
بالإضافة الى قوله: (إن مشكلتنا تكمن بشكل عام في أننا لا ندين بالدين المناسب، فالدين الإسلامي كان من الممكن أن يناسبنا أفضل بكثير من المسيحية، فلماذا ندين بالمسيحية المتميزة بالطاعة والخمول؟)