(الحاج محمد غليوم) الإمبراطور الألماني (1859 – 1941)
وعلاقته بالجزائريين
بقلم: صلاح الدين تيمقلين
الإمبراطور (Wilhelm II) أطلق عليه الجزائريون اسم: (الحاج ڤِيُوم)، والمشارقة: (الحاج محمد وليم الثاني) والحاج غَليوم!
منذ سقوط العالم الإسلامي تحت السيطرة الاستعمارية الأوربية، دأبت شعوبه على التشبث بأي خيط قد يؤدي بها الى الانعتاق. فأثناء الحرب العالمية الأولى وقفت هذه الشعوب الى جانب ألمانيا ـ التي تسللت اليه عبر الخلافة العثمانية ـ نكاية في فرنسا وبريطانيا، حيث أرست علاقات وطيدة مع العثمانيين وأبرمت عدة اتفاقيات متنوعة حتى الدفاعية منها.
وقد سبق للإمبراطور غليوم الثاني زيارة القدس وطنجة ودمشق، حيث وقف على قبر صلاح الدين الأيوبي ووضع عليه إكليلا من البرونز في لفتة لدغدغة شعور المسلمين، وأعلن في المسجد الأموي انه: (المبعوث الحامي لـ 300 مليون مسلم)، فزاد حماس المسلمين وتعلقوا به على أنه هو المخَلِّص لهم من براثن الاستعمار. وقد تأثر بهذه اللفتة أمير الشعراء أحمد شوقي حيث قال:
عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما * وَيَندُبُهُم وَلَو كانوا عِظاما
فَهَل مِـن مُبلِـغٍ (غَليومَ) عَنّـــي* مَقالاً مُرضِياً ذاكَ المَقاما
رَعــاكَ اللَهُ مِـــن مَلِــكٍ هُمـام ٍ* تَعَهَّدَ في الثَرى مَلِكاً هُماما
ووقف علماء الأزهر وشيوخه الى جانب ألمانيا وامبراطورها غليوم ودول المركز في الحرب ضد دول الوفاق، وكان غليوم كثير الحضور في خطب الشيخ محمد الخضر حسين التونسي ـ شيخ الأزهر فيما بعد ـ، الذي سافر الى ألمانيا لحث الأسرى المسلمين على وجوب الوقوف الى جانبها للحصول على الحرية والاستقلال. بالإضافة الى الشيخ عبد العزيز جاويش وأمير البيان شكيب أرسلان...
عملت ألمانيا على استغلال هذا الحماس لدى المسلمين، فأسست وكالة أنباء الشرق ومكتبا للاستخبارات، وأصدرت مجموعة من الصحف أشهرها جريدة (الجهاد) الناطقة باللغتين العربية والتَّتَرِيَّة لتأجيج المسلمين ضد مستعمريهم وتمكنها من ولائهم لها.
لم يكن الشعب الجزائري غائبا عن هذه الأحداث، بل كان متابعا لها بشغف كبير خاصة عند وقوف ألمانيا الى جانب النمسا والمجر معلنة الحرب على دول الوفاق منها فرنسا، وشرعت هذه الأخيرة في فرض التجنيد الاجباري وزجت بالشباب الجزائري في حرب لا تعنيهم، فجادت قريحة بعض الجزائريين بقصائد تشيد بـ: غليوم متبعين في ذلك نهج أمير الشعراء، راجين من الله عز وجل ان ينصر غليوم على فرنسا ويقوم بتحريرهم! ومن هذه القصائد قصيدة (الحاج ڤِيُـوم) باللهجة الجزائرية، جاء فيها على الخصوص:
يا لفرنسيس واش في بالك * الجـــــزائر ماشــي ديـــــــالك
يِجِي لالمان يدِّيها لــــــــك * لا بُدْ ترجع كيـف ازْمـــــــــان
أيْ أيْ كِي نعمــل لــــــــه * الحاج ڤِيُوم يطلـــــــع سعــــده
*****
يـا لفرنسيس أويا مهبــول * واش راك تعاند في ذاك الغول
يطلع للسما بــــلا سلــــوم * باش يجــرِّي منـــــك الدمــوع
أيْ أيْ كِي نعمــل لــــــــه * حـــــاج ڤِيُـوم يطلــع سعـــــده
يا حَـــــيُّ يـا قَيــــــــــــوم * الله ينصـر الملك ڤِيُـــــــــــــوم